تدني الخدمات والحياة غير الآدمية والانفلات الأمني يدفعون أهالي "كفر البطيخ" نحو قطار العصيان المدني
![تدني الخدمات والحياة غير الآدمية والانفلات الأمني يدفعون أهالي](https://watanimg.elwatannews.com/old_news_images/large/86519_660_331290603____-___-______sfs.jpg)
"خيري لغيري رغم إنه على أرضي، حنا بنموت وأصحاب المراكز مش حاسين بنا وأصحاب الدقون مش بيفتكرونا إلا وقت الانتخابات"، هذه كلمات قالها أبناء مركز كفر البطيخ بمحافظة دمياط، البالغ تعدادها مائة ألف مواطن تقريباً، والتي تشتهر بمصانع الحلويات وتجارة الموبيليا ووجود أكبر عدد من محلات صيانة المحمول بها بالإضافة إلى مصانع البتروكيماويات بالمنطقة الحرة ومحطة الكهرباء الجديدة، كما تعد أكبر كتلة تصويتية للإسلاميين فيما سبق لتركز الإخوان و"التكفير والهجرة" بقراها كالسواحل والسوداية والنجارين وكفر البطيخ، ولكن يبدو أن الموازين قد انقلبت وأعلن الأهالي رفضهم لحكم الإسلاميين بسبب زيادة المشاكل وتغير الحال إلى الأسوء، وهدد أبناء المركز بالدخول في عصيان، فمنذ أسبوع خرج الأهالي بوقفة احتجاجية أمام مجلس مدينة كفر البطيخ استعداداً للدخول فى عصيان مدني.
والتقت "الوطن" بأهالي مركز ومدينة كفر البطيخ للتعرف على مشاكلهم عن قرب، فها هو محمد خليفة، أحد أبناء الكفر، يشكو من عدم وجود وسائل مواصلات واعتماد الأهالي على "التوك توك" كوسيلة لهم.
أما عمار رخا فيقول: "لا يوجد لدينا مركز شباب أو محكمة أو نشاط ثقافي، كما لم يصل الصرف الصحي حتى الأن لمناطق عديدة كشارع جنابية أبو صالح والمثلث ومقابر المحجوب.
واشتكى السيد مجاهد، 31 سنة، عامل، من عدم وجود شبكة صرف صحي وقيام الأهالي بالصرف في الترعة بالإضافة إلى أن الطريق غير ممهد ومحطة السكة الحديد مغلقة منذ أسبوعين لعدم وجود مزلقانات، وأشار مجاهد لإرتفاع نسبة الإصابة بأمراض الحساسية نظراً لعمل أغلب أبناء القرية بصناعة الأثاث مستخدمين مادة "البوليستر", وهي مادة تتكون من أملاح عضوية وأحماض، وأكد إصابته بأمراض الحساسية منذ خمسة عشر عاماً بسبب البوليستر المستخدم بالقرية دون وجود وحدة إسعاف واحدة، وأضاف مجاهد قائلاً: "كلما أذهب للمستشفى لتلقي العلاج يمشوني ويقولوا لي تعال لما يبقى في علاج".
وأشار مجاهد للوضع الإقتصادي المتدني قائلاً: "أصبحت أعمل يوم وأبطل عشرة وعندي 3 أبناء وعجزت عن الإنفاق عليهم
ويقول محمد ماهر، الطالب بالفرقة الرابعة بكلية الحقوق،أن القمامة تحتل القرية دون وجود صناديق أو سيارات تأتي لجمعها رغم التزامهم بدفع الرسوم مما اضطرهم لحرق القمامة في الشوارع نظراً لعدم قيام مجلس المدينة بدوره، بالإضافة إلى الطرق غير الممهدة والتي تشهد حوادث طرق يومية يروح ضحيتها الكثير من أبناء القرية، بحسب قوله .
واشتكى ماهر أيضاً من "الانفلات الأمني" وانتشار المخدرات وتداولها بالمقاهي وأسفل كوبري كفر البطيخ وجامع كفر البطيخ بالإضافة لتهديد البلطجية لهم بالأسلحة النارية والكلاب البوليسية في الشوارع ليلاً وسط غياب الشرطة، مما يدفع الأهالي لعدم الخروج من منازلهم بعد المغرب .
وبعيون مليئة بالدموع وأيادي أصبحت ممزقة من الشقاء، قال محمد أبو عزت، 45 سنة، بائع سمك متجول، نحن لا نمتلك مكان نبيع فيه بضائعنا، متسائلاً: "على أي أساس يمنحون أراضي الدولة لأصحاب المطاعم والمحال ونحن نفتقد لأرض مخصصة كسوق ورئيس المجلس يرفض منحنا أرض كما يقوم بتحرير محاضر بيئة وهمية تصل الغرامة فيها لخمسين ألف جنيه، وتسائل أبو عزت: "هو احنا لاقيين ناكل عشان ندفع خمسين ألف، يعني لا ترحموا ولا تسيبوا رحمة ربنا تنزل؟"
وتحدث أبو عزت عن نجليه الذين فقدهما بسبب مستشفى كفر البطيخ المركزي نتيجة الإهمال الطبي وعدم توفر أجهزة طبية وأوضح أنه لو كان يملك المال لذهب بنجليه لأطباء بالخارج وليس المستشفى التي تعد بمثابة "سوق جمعة"، بحسب قوله.
وقال وائل أحمد لاشين، موظف بمجلس مركز ومدينة كفر البطيخ: "لقد قام المسؤولون بفصلي بشكل تعسفي من عملي بعد أن انضممت لأهالي البلدة في مطالبهم بعد علمي التام بتهرب المسؤولين من تلبية مطالب الأهالي المشروعة، فبعد زيارتي أنا ووفد من الأهالي لمحافظ دمياط لعرض مطالبهم يوم الأربعاء قبل الماضي، وعند ذهابه لمقر عملي اليوم التالي فوجئت بإبلاغي أن رئاسة المجلس قررت فصلي بزعم أني "تجاوزت حدودي"، ورغم اقتناع المحافظ بكوني غير مذنب إلا أنني لا زلت أعاقب لعدم سكوتي عن الحق ورفع المجلس لتقرير مزور يوضح عدم وجود أي مشاكل بالقرية" .
ويشكو أيمن شوقي، 21 سنة، طالب جامعي، من تحول كفر البطيخ لمعقل لمروجي ومدمني المخدرات، وبخاصة أمام الجامع الكبير، في وقت لا يتواجد فيه أي حملات أمنية .
وأشار شوقي لبيع أصحاب المخابز حصص الدقيق الخاصة بهم بالسوق السوداء مع عدم وجود أي رقابة تموينية مما دفعهم للتوقف عن شراء العيش نظراً لسوء حالته من شوائب ورائحة كريهة، بحسب قوله .
وأشار مجدي عزب، موظف بمجلس المدينة، إلى عدم استفادتهم من المشاريع الموجودة على أرض كفر البطيخ كمحطة الكهرباء التي تصدر الكهرباء للدول الأخرى في حين تنقطع عنهم الكهرباء بصورة مستمرة.
وفي هذا الشأن، يقول محمود مجاهد، 22 سنة: "حتى الآن لم يصل مشروع الصرف الصحي إلينا، وفي كل مرة نتقدم بشكوى يكون الرد علينا: "أنتم مش تبع كفر البطيخ وعليكم بالذهاب لمجلس مدينة البساتين" ونفس الوضع يتكرر معنا حينما نذهب للبساتين مما دفعنا لتوصيل الصرف الصحي بالترعة.
وعن الجانب الصحي فحدث ولاحرج، فعند دخولك مستشفى كفر البطيخ تجد القطط والحشرات بانتظارك في ظل عدم تواجد أي فرد أمن وعند صعودك السلم لا تجد أطباء إلا عدد قليل لا يذكر، أما الممرضين والممرضات فيجلسون بغرفتهم ويعملون على خدمة المرضى بقدر الإمكانيات المتاحة، وقبل المغرب بفترة قصيرة يضطرون لإغلاق غرفهم بالقفل عليهم استعداداً لاستقبال المستشفى مدمني المخدرات والبلطجية حتى يصعدوا المستشفى ويجلسون على أسرة المرضى التي أصبحت ممزقة ويستخدمون دورات المياه الخاصة، والتي أصبحت متهالكة، ويتوجهون لتناول البانجو والحشيش ببلكونة المستشفى .
من جانبه يقول "ي.ع"، مريض بالفشل الكلوي منذ 12 سنة: "منذ دخولي المستشفى منذ يومين لم أجد أطباء يتابعون حالتنا والممرضات يحاولن فعل ما باستطاعتهن" .
ويضيف وليد البقري، ممرض بالمستشفى، قائلاً: "نحن على أتم الاستعداد للعمل ولكن لا يوجد لدينا عناية مركزة أو إسعاف حتى ينقل الحالات الطارئة لأقرب مستشفى تبعد عنا بحوالي ساعة إلا ربع مما يؤدي لتعرض حالة أي مريض للموت، بالإضافة إلى نقص تخصصات عدة، كالعظام والعمليات والصدر والأنف والأذن والحنجرة، بالإضافة لعدم وجود بنك دم بالمستشفى، وأنهى البقري كلمته قائلاً: "من الآخر المستشفى ميتة تماماً ومحتاجة معجزة حتى تعود للحياة".
وقالت والدة الطفلة عبير حامد: "بنتي عندها نزلة معوية وتعبانة من الساعة 8 صباحاً وحتى 4 عصراً، ولم يمر طبيب ليفحصها" وتتسائل أم عبير: "أنا مش عارفة والله أنا في مستشفى هنا ولا فين؟!"
وتضيف ناهد محمود بدر قائلة: "والدي مريض كبد وعلى الرغم من ذلك لم أجد نظافة بالمستشفى، فالحشرات والحيوانات تنام بجانبه والقمامة ملقاة في الطرق ودورات المياه لا تليق بحيوانات، كما أن والدي لم يستكمل علاجه بعد، وتقريباً سأخذه ونغادر المستشفى، فأنا أخشى على وجوده هنا، فالمستشفى وكأنها وكالة من غير بواب محدش بيقول لحد أنت رايح فين ولا لمين ومدمني المخدرات وسائقي التوك توك والبلطجية يتخذون المستشفى تكية خاصة بهم يأتون فيها ويشربون ما يشربون وكأنهم في غرزة وليس مستشفى".
وعن مركز شباب كفر البطيخ، يقول مصطفى محمد، أحد شباب مركز كفر البطيخ: "يقوم مسؤولو مركز الشباب بتأجيره مقابل مبالغ مالية للقادرين أما نحن فلا نستطيع ممارسة أي نشاط دون دفع مبلغ وقدره، بالإضافة إلى إغلاق أغلب أماكن الألعاب.
أما محطة كهرباء كفر البطيخ فلا زال العاملون يعملون بها رغم تهالكها وتعرضها لانهيار جزئي لحين الإنتهاء من محطة الكهرباء الجديدة.
ورغم أن مركز كفر البطيخ يعتبر الأكبر من حيث الكتلة السكانية والتصويتية على مستوى محافظة دمياط ورغم المشاكل العديدة التي تشهدها البلدة إلا أنها لا تمتلك سوى سيارة مطافي واحدة وطالب العاملين بمطافي الكفر بتزويد المركز بسيارة مطافي مجهزة ومعاملتهم معاملة أدمية خصوصاً وأنهم لايمتلكون مكاناً يليق بهم للمعيشة، فالأسرة ممزقة والسقف متهالك والدواليب الخاصة بهم مكسورة والحنفيات كذلك ولا تصلح لإطفاء شارع واحد وليس مركز كامل.