جرافيتي خالد سعيد مازال يحرك الثورة
"هل يصير دمي بين عينيك ماء اتنسي ردائي الملطخ بالدماء" هذه هي العبارة التي رافقت جرافيتي خالد سعيد في ذكراه الأولي و اعتلت سور وزارة الداخلية ، وقد تم وضع هذا الجرافيتي علي مواقع التواصل الاجتماعي لينتشر من خلالها إلي كل شوارع مصر.
و كان الجرافيتي الذي يحمل العبارة الشهيرة "كلنا خالد سعيد" واحدا من العوامل التي حركت الماء الراكد و ساهمت في التعريف بالقضية و أثارت انتباه العامة الذين تساءلوا ببساطة "هو مين خالد سعيد؟"، و خلال أحداث الثورة و بعدها أصبح الجرافيتي مرادفا لحرية التعبير والحق في الاحتجاج بعد عقود من القهر وإخماد صوت الرفض، بل أصبح أيضا موازيا للثورة يسير على دربها، و عندما يرسم وجوه الشهداء فهو يذكر بدمائهم و ينعش نار الثورة التي تخمد بفعل الزمن.
حسام سمير الطالب بالسنة النهائية بكلية التجارة يقول أنه كان واحدا ممن رسموا جرافيتي خالد سعيد بعد الثورة علي جدار وزارة الداخلية و كانت هذه هي المرة الأولي حينها التي يقوم فيها برسم جرافيتي، بينما رسم أحد أصدقائه نفس الجرافيتي علي النسر الذي يعلو شعار الوزارة، و يقول أن ذلك أشعره بالراحة رغم أنه عرضه للمخاطر وقتها، مضيفا بأنه سوف يشعر بالمزيد من الراحة إذا ما تم القصاص للشهداء من قتلتهم.
و يضيف قائلا بأنه لم يكن يعلم عن قضية خالد سعيد الكثير و لكن الجرافيتي الذي شاهده في الشوارع دفعه للسؤال و البحث، و يقول أن مازال جرافيتي خالد سعيد بعد الثورة مازال يحرك حماس الشباب للمطالبة بتحقيق مطالب الثورة.
كريم جودة واحد من فناني الجرافيتي و الملقب ب "دخان" و ذلك لأنه يختفي سريعا بعد طباعة رسومه علي الحائط، و يقول كريم الذي يعمل مصمم جرافيك أنه يهوي هذا الفن منذ وقت طويل و لكنه لم يكن يمتلك الجرأة الكافية لممارسته قبل الثورة، رغم أن جرافيتي "كلنا خالد سعيد" كان يشجعه و يلقي في نفسه الأمل لأنه ببساطة فن يتميز بأنه همزة الوصل بين العمل الفني وجمهور المتفرجين، كما أنه فن تفاعلي بالفطرة، يدخل إلي عقول الناس بدون حواجز.
بدأ كريم رسم أول جرافيتي له في محطة الرمل بالإسكندرية و كان علي شكل دودة كبيرة تخرج من تحت الأرض لتقول "روح قبل الحظر"، و تلاها بعدها العديد من الرسومات المعبرة التي يتشارك الأفكار حولها مع أصدقائه خلال الاجتماعات التي ينظمونها، و تضم الكثير من الأفكار التي تعبر بكلمات قليلة عن معاني كبيرة و تسعي لتوصيل رسالة قد تعجز آلاف الكلمات التعبير عنها.
و يقول كريم جودة: تحول الجرافيتي في مصر من مجرد وسيلة اجتماعية للدعاية أو صورة فنية منطفئة ، إلى أداة تعبير سياسية بامتياز، تنشر الثورة المتأججة في كل مكان، و لكنه رغم ذلك يوضح كريم أن المجتمع مازال حتي الآن لم يتقبل بشكل كامل رسم الجرافيتي في الشوارع و لذلك يفضل فنانيه النزول في مجموعات لمؤازرة بعضهم البعض في حالة التعرض لهجوم أو اعتراض، و يحكي كريم أنه تعرض للهجوم من أهالي منطقة السيدة زينب عند محاولته رسم لسيدة تلد طفلا لا يري و يرمز للناشط أحمد حرارة و مكتوب عليه : "افتح عينك قبل فوات الأوان"، إلا أنه لم يلقي القبول الكافي منهم.
مسح رسوم الجرافيتي من علي الجدران لا يصيب رساميه بالحزن و لا الاحباط و لكنه يزيدهم حماسا لرسم المزيد و المزيد، و لعل صور شهداء الألتراس التي رسمها عمار أبوبكر كان لها الدور الأكبر في تعريف عامة الناس بحكاياتهم، و تقول رسامة الكاريكاتير الحرة سمر الجيار أن الجرافيتي وحده ليس كافيا بل هو بمثابة الوميض الذي يشتعل ليذكر الناس أننا مازلنا في ثورة، و تشير إلي أنها تقوم في بعض الأحيان بالرسم بنفسها أو تستعين بالنماذج التي يضعها بعض فناني الجرافيتي عبر حساباتهم الشخصية علي موقع تويتر للتواصل الاجتماعي و منهم محمد المشير.
عن خطوات تحويل الصورة المرسومة علي الكومبيوتر إلي جرافيتي تقول سمر أنها تقوم بطباعة الرسم ثم كبيره عبر ماكينة التصوير و لصقه علي ورق كارتون مقوي ثم تفريغه و رشه باستخدام "سبراي" يتم شراءه من محلات بيع الحدائد و البويات، و قد يتم طباعة الرسم و تقسيمه علي أربع ورقات يتم تجمعيها ثم تفريغها.
و عن الحائط الذي يتم طباعة الجرافيتي عليه تقول سمر أنها تفضل اختيار أي جدار لا يمس ملكية خاصة حتي لا يسبب ضررا لصاحب الرسم و توضح أن رسامي الجرافيتي تقابلهم الكثير من المخاطر و أصبحوا مطاردين دائما و لذلك تفضل النزول وسط مجموعة كبيرة حتي لا تتعرض لأي مخاطر.