بالصور| مائدة الرحمن بـ"المقاصيص": "المسيحي والمسلم بيتشاركوا اللقمة"
مائدة الرحمن بحارة "المقاصيص"
زقاق ضيق متفرع من شارع المعز لدين الله الفاطمي، الزينة والإضاءة المنبعثة منه تلفت الأنظار، وتجبر الزائر أو السائح على اكتشاف ذلك الزقاق الضيق المعروف بـ"حارة المقاصيص"، ويستقبل ذلك الفانوس، كبير الحجم الموضوع بعناية في منتصف الحارة، كل من وطأت قدماه ذلك الزقاق، بينما تتراقص الزينة والأنوار من خلفه ابتهاجًا بحلول شهر رمضان.
على يمين الحارة، يستقر مسجد عتيق يتميز بفنه المعماري الإسلامي، والذي يكون مزيجًا بين الحاضر والماضي، يضفي على الحارة بهجة تسر الناظرين، وتقبع محلات الصاغة، بطول تلك الحارة الضيقة، ليعكس الذهب والفضة، أضواء الزينة والفوانيس التي تزدحم بها الحارة.
في منتصف الحارة الملتوية، يظهر كشك صغير لبيع الحلوى، تجلس داخله "أم عبير" امرأة أربعينية، تحفل ذاكرتها بمظاهر الحارة في رمضان، ولا تزال تبتهج حينما تتبادر إلى ذهنها لحظات اللعب بالفانوس، وقت طفولتها، مع جيرانها من المسيحيين، الذين يمثلون أغلب سكان تلك الحارة، "الزينة دي معظم اللي علقها من إخواتنا المسيحيين، وكل رمضان لازم كل عمارة تشترك ونجيب فانوس كبير نعلقه قدام العمارة عشان ينور للأطفال وهي بتلعب كل يوم بالليل".
التجارة في حارة "المقاصيص"، لا تكون رائجة بالشكل الكافي خلال شهر رمضان، فأغلب محلات "الصاغة" التي تزين الحارة، تركد فيها حركة البيع والشراء، قبل أن تعود لأوج ازدهارها مع الأيام الأخيرة من رمضان، "الناس كلها بتجيلنا هنا قبل العيد عشان تشتري الشبكة بتاعتها، وماتلاقيش مكان في الحارة تمشي فيه"، في حين يلتزم الباعة بمواعيد رمضان في فتح المحلات وإغلاقها قبل آذان المغرب بساعة، ثم يعودون لعملهم بعد انقضاء وقت الإفطار.
موائد الرحمن لها طابع خاص في الحارة الضيقة، ولا بد أن يتشارك المسلمون والمسيحيون في إعدادها والأكل عليها طوال أيام رمضان، "الكل بيقعد وبنتشارك اللقمة، ومافيش فرق بين مسلم ومسيحي وقتها"، ليأتي بعد ذلك دور كشك "أم عبير"، الذي يجد فيه سكان الحارة ضلتهم عن طريق مشروبات مثلجة يروون بها ظمأهم، بعد ساعات طويلة من الصيام.