كثر الحديث مؤخراً عن الصكوك، التى طرحها الإسلاميون كأداة مقترحة لتمويل المشروعات التنموية الكبيرة.
ولكن ما هى الصكوك بالتحديد؟
كما ورد فى مسودة القانون المقترح «الصكوك هى أوراق مالية اسمية متساوية القيمة، تمثل كل منها حصة شائعة فى ملكية أصول أو منافع أو خدمات أو فى مشروع معين، وفقاً لما تحدده نشرة الاكتتاب العام أو مذكرة المعلومات بحسب الأحوال وبمراعاة الشريعة الإسلامية».
وعلى الرغم من وجود العديد من أنواع الصكوك فإن الأكثر شيوعاً هى:
صكوك «الإجارة»: يقوم الممولون بشراء أصل ثم تأجيره لطالب التمويل لفترة زمنية بقيمة محددة.
صكوك «المضاربة»: يقوم الممولون بتمويل مشروع بعينه مقابل حصة (نسبة) من الأرباح لفترة زمنية محددة.
صكوك «المرابحة»: يقوم الممولون بشراء أصل أو منتج ثم بيعه لطالب التمويل مقابل سعر أعلى مدفوع على أقساط محددة.
صكوك «الاستصناع»: يقوم الممولون بتمويل عملية بناء أصل ثابت بناء على رغبة طالب التمويل مقابل ثمن أعلى يدفع لاحقاً.
ويستحوذ القطاع الحكومى على نصيب الأسد من هذه الإصدارات، حيث تستخدم الحكومات إيرادات الصكوك لتمويل المشروعات العملاقة كبناء وتوسعة الموانئ والمطارات.
ولكن ما الفارق بين السندات والصكوك؟
السندات الحكومية تقضى بإصدار مالية تقوم بمقتضاها الحكومة بجمع الأموال مقابل وعد برد أصل المبلغ بعد فترة زمنية محددة ودفع فوائد محددة. ويعتبر السند مديونية على الدولة والحكومة، ولكن تعطى للحكومة الحق فى استخدام الأموال فى سد عجز الموازنة أو تمويل مشروعات أو غيرها. وبما أن السندات تمنح حامليها عوائد محددة دون مخاطرة أو الدخول فى عمليات بيع وشراء فهى تعتبر مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية.
أما الصكوك فهى أداة مالية تستطيع من خلالها الحكومة جمع الأموال ولكن للصرف فى مشروعات محددة، وينطوى ذلك على مشاركة الممولين فى الربح والخسارة كالمضاربة أو الإجارة، أو الدخول فى عمليات بيع وشراء وتطوير كالاستصناع والمرابحة، ولذلك تُعتبر موافقة لأحكام الشريعة الإسلامية. أيضاً بسبب هذه الطبيعة فإن الصكوك عادة لا تعتبر مديونية على الدولة.
الأهم: هل الصكوك مفيدة؟ وهل تجلب المليارات؟
أولاً: استحداث أدوات مالية جديدة هى دائماً علامة إيجابية، حيث يساعد ذلك على تنشيط سوق الأوراق المالية.
ثانياً: بسبب طبيعتها، هذه الصكوك قد تساعد على تنشيط الاستثمار، خاصة فى المشروعات الكبيرة.
ثالثاً: بما أنها موافقة لأحكام الشريعة الإسلامية، فهذه الصكوك ستفتح الباب أمام كثير من المؤسسات المحلية والإقليمية، التى سترى فى هذه الصكوك فرصة استثمارية جيدة، وكذلك متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية.
ولكن إذا نظرنا للأرقام نجد أن إجمالى سوق الصكوك العالمى بلغ 300 مليار دولار بنهاية 2012، أصدرت ماليزيا ثلثى هذا الرقم والباقى أغلبيته صدر فى الخليج. وتتوقع التقارير زيادة سوق الصكوك إلى 900 مليار دولار بنهاية 2017. وقد تصل حصة مصر إلى نحو 10-15% من السوق أى من 100 إلى 150 مليار دولار بنهاية 2017، أى بمتوسط 20 إلى 30 مليار دولار سنوياً.
هذه الأرقام قد تكون بداية جيدة إذا تم استغلال وارداتها فى تمويل مشروعات تنموية كبيرة تعمل على إنعاش السوق وخلق فرص عمل بدلاً من محاولة إعادة تمويل عجز الموازنة. كما يفضل إصدارها كصكوك إجارة ومضاربة، لتأكيد مبدأ المشاركة فى الربح والخسارة وتقليل الضغط على مديونية الدولة. بالإضافة لذلك على الدولة أن تسعى لتسويق هذه الصكوك خارجياً للمؤسسات الإقليمية والعالمية والمصريين بالخارج لزيادة السيولة فى السوق.
فى النهاية، الصكوك أداة مالية تختلف بعض الشىء عن السندات، وقد يكون لها الكثير من الآثار الإيجابية على الاقتصاد، لكن لا ينبغى تضخيم حجمها أو أثرها.