خطر اعتياد الفشل
فالفشل أصبح حقيقة مجتمعية طاغية تواجه وترهق المصريات والمصريين. فشل رئاسى وحكومى فى تحسين الظروف المعيشية، فشل لمؤسسات ومرافق الدولة فى القيام بالواجبات الملقاة على عاتقها من ضمان الأمن إلى إدارة مرفق السكك الحديدية بحد أدنى من الكفاءة، فشل للنخب السياسية فى تجاوز حالة الاستقطاب الراهنة والتوافق حول خريطة طريق للوطن، فشل مجتمعى فى التعامل مع ملفات جوهرية كدور الشباب وحقوق المرأة، فشل فى تنشيط القطاعات الحيوية فى الاقتصاد المصرى من السياحة إلى الزراعات التصديرية، فشل فى إدارة نقاش عام محترم لا تتورط أطرافه باستمرار فى الحروب الكلامية والإقصاء المتبادل.
هذا هو ما يواجهه المواطن فى حياته اليومية وما بات يراه اعتياديا ويتوقع استمراره فى المستقبل القريب. أما تجارب النجاح وبوارق الأمل فلا وجود لها وإن وجدت (بعيدا عن الحكم والسياسة) فلا إدراك مجتمعى حقيقى لها ومتاهات الفشل ومسارات الإخفاق تستوعبنا بالكامل.
خطر اعتياد الفشل هو فقدان القدرة الفردية (المواطن) والجماعية (المجتمع) على صناعة النجاح وإمساك حالة من العجز واللافاعلية وتوقع البلاء والمحن بالرأى العام. خطر اعتياد الفشل هو تحول البيئة المجتمعية إلى بيئة طاردة للبشر وللأفكار الإيجابية وللحلم بواقع ومستقبل أفضل لمصر.
خطر اعتياد الفشل هو المزيد من انخراط النخب السياسية فى صراعاتها وحروبها الكلامية دون طرح بدائل حقيقية على المجتمع للتنمية والتحول الديمقراطى، فالنخب هذه أشبه اليوم بركاب سفينة تغرق وهم يتصارعون على المقطوعة الموسيقية التى يتعين على أوركسترا السفينة عزفها.
خطر اعتياد الفشل هو انسحاب القادرات والقادرين على المبادرة الذاتية فى القطاع الخاص والمجتمع المدنى من العمل العام وتحولهم إلى مجموعة باحثة عن الحلول الفردية (بما فى ذلك الهجرة والعمل بعيدا عن مصر). خطر اعتياد الفشل هو عزوف المواطنات والمواطنين عن الشأن العام وانقلابهم على السياسة ونخبها التى لا تنتج إلا الإخفاق، والكثير فى حياتنا اليومية يدلل على العزوف هذا. خطر اعتياد الفشل هو انصراف اهتمام العالم القريب والبعيد عنا، فلا أحد يريد الارتباط بدولة فاشلة ومجتمع مأزوم على الدوام.
نحتاج للنجاح واستعادة التفاؤل، ومسئولية النخب السياسية تأتى قبل بقية قوى المجتمع.