بتحب عبد الناصر؟.. طبعا.. زرت "الضريح"؟.. لسه .. يبقى مابتحبوش

كتب: سماح عبدالعاطى

بتحب عبد الناصر؟.. طبعا.. زرت "الضريح"؟.. لسه .. يبقى مابتحبوش

بتحب عبد الناصر؟.. طبعا.. زرت "الضريح"؟.. لسه .. يبقى مابتحبوش

لعلك تقترب. هنا عبر ذلك الشارع الصاخب الذى لا تنقطع عنه السيارات، وتلك البوابة الخشبية السميكة التى تقودك إلى الداخل، وهذه الأرضية الرخامية التى تستقبل خطواتك، وهذا الضريح الحجرى الذى يرتفع فى مواجهتك، ها أنت قد اقتربت، بإمكانك الآن أن ترفع يديك ثم تتلو الفاتحة على روح ذلك الذى يرقد، ادع له بالرحمة والمغفرة، لا تجهد نفسك فى إخفاء الدموع التى سوف تنساب من عينيك ربما رغماً عنك، وربما بإرادتك، ولا تحرم لسانك من البوح بكلمات حزينة غالباً ما تلقيها دون وعى منك، ودون أن تتأكد ما إذا كانت قد وصلته أم لا، لا تهتم بذلك، فقط ارفع رأسك وتأمل ملياً خيط الشمس الذى اعتاد أن يزوره كل صباح، سوف يفيد ذلك فى كسر حدة الألم الذى تشعر به الآن، عد مرة أخرى لصاحب الضريح وسلم عليه قبل أن تتحول عنه إلى ضريح آخر إلى جواره، ترقد تحته زوجته الراحلة، اقرأ لها الفاتحة، ثم ول وجهك شطر البوابة التى جئت منها لتنهى زيارتك، وعندما تجد نفسك فى الشارع من جديد، أطلقها صادقة حارة دون أن تخجل منها أو تداريها «الله يرحمك يا جمال». أكثر من 40 عاماً مرت على وفاة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ووفود الزائرين لم تنقطع عن ضريحه. عادة ما يتوافدون فى مجموعات ضخمة ثلاث مرات كل عام؛ فى 15 يناير ذكرى ميلاده، و23 يوليو ذكرى الثورة التى قام بها، و28 سبتمبر ذكرى رحيله عن عالمنا. فى العادة يكون أبناؤه هم أول الحاضرين، خالد الأكبر قبل أن يتوفى، وعبدالحكيم الأصغر الذى يواظب على الحضور دائماً، يقف على الباب الخارجى ليستقبل الزائرين، ويشد على أياديهم، قبل أن ينصرفوا جميعاً، تاركين الضريح يغرق فى صمت مهيب، يقطعه بعض الزائرين ممن اعتادوا التردد على المكان. يستقبلهم الضريح منذ الصباح الباكر فاتحاً أبوابه، ولا يغلقها إلا بعد صلاة العصر، وهو وقت كاف يستوعب كل من يرغب فى زيارة ضريح الرئيس الراحل جمال عبدالناصر. والضريح يقع داخل مسجد كوبرى القبة الخيرى فى منطقة كوبرى القبة بالقاهرة، على بعد أمتار قليلة من وزارة الدفاع وجامعة عين شمس، وعلى بعد مسافة قصيرة من المنزل الذى كان يسكنه عبدالناصر بمنطقة منشية البكرى، وينفصل الضريح عن المسجد انفصالاً تاماً، إذ ينفرد ببوابته الكبيرة التى تطل على شارع الخليفة المأمون، وتبعد عن بوابة المسجد التى تطل على المسافة الواقعة أسفل كوبرى السيارات الذى يصل ما بين شارع الفنجرى، وميدان حدائق القبة. وفى حين يقع الضريح فى الطابق الأرضى، فإن المسجد يرتفع قليلاً ليحتفظ للأماكن المخصصة للصلاة بخصوصيتها. ومن الطريف أن عبدالناصر كان قد أدى صلاة الجمعة فى هذا الجامع عدة مرات قبل وفاته وكان فى سبيل افتتاحه رسمياً بعد الانتهاء من بنائه. وقد بدأ العمل فى هذا المسجد عام 1962. وأرضه مهداة من الدولة لجمعية كوبرى القبة الخيرية بإيجار رمزى قدره جنيه واحد سنوياً. وفى عام 1965 أمر عبدالناصر باستكمال المشروع على نفقة الدولة وأشرف على إعداده وتجهيزه على الطراز العربى الحديث. وتكلف إنشاؤه أكثر من300 ألف جنيه، وأغلب الظن أن عبدالناصر نفسه لم يكن يعرف إنه سوف يدفن فيه عندما يحين حينه، ويواريه التراب. «السيد نام» كما يقول نزار قبانى فى واحدة من قصائده الكثيرة التى رثى فيها عبدالناصر، تحت الضريح الرخامى يتمدد الجسد المسجى، يصعب أن يتصور المرء ما الذى تبقى منه، هل هما العينان النافذتان، أم الفم القوى، أم الأنف الحاد، أم البنيان الضخم، أم تحول كل شىء إلى تراب لا فرق بينه وبين أديم الأرض التى يرقد فوقها. لا يشغل أى من الزائرين نفسه بالتفكير فى ذلك، خاصة إذا كانوا مصريين، اعتادوا منذ آلاف السنين أن يقدسوا موتاهم، وأن يؤمنوا بأن الأجساد وإن تحللت، فإن الأرواح لا تفنى، وإنما تهيم فى مكان ما من العالم، تشعر بهم، وتفهمهم، ربما لذلك السبب تحديداً لا يكفون عن بث شكاواهم، وإرسال عبراتهم كلما قادتهم أقدامهم إلى المكان حتى ولو بعد آلاف السنين. أخبار متعلقة: عائلة "عبد المقصود أفندى": 4 أجيال نامت على مخدة الزعيم كمال الهلباوى: الخلاف بين الإخوان وعبدالناصر كان سبباً فى هزيمة 67 حكاية عبدالناصر والإخوان: «تار بايت».. ثم «تبادل مواقع» مصر محتجالك "عبد الناصر لم يمت": تلك أفة الحكام فى مصر من "السادات" إلى "مرسى" الـ100 يوم الأولى "تأميم القناة": ضربة كانت من معلم .. خلى الاستعمار يسلم إحنا آسفين يا زعيم