«سرى الدين»: مصر لا تملك خطة استثمارية حتى الآن.. وبعض الوزراء الحاليين «زهقوا وعايزين يمشوا»

كتب: سمر نبيه

«سرى الدين»: مصر لا تملك خطة استثمارية حتى الآن.. وبعض الوزراء الحاليين «زهقوا وعايزين يمشوا»

«سرى الدين»: مصر لا تملك خطة استثمارية حتى الآن.. وبعض الوزراء الحاليين «زهقوا وعايزين يمشوا»

■ يجب أن نستغل منطقة القناة فى صناعة السيارات خلال أشهر وإلا خرجنا من هذه الصناعة إلى الأبد

■ قرار الرئيس زيادة الضرائب 30% على أسعار السلع «محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه»

 

«لدينا فرصة حقيقية لجذب 10 مليارات دولار لمصر العام المقبل إذا ما عملت الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس وفق استراتيجيات وخُطط ناجحة للاستثمار بهذه المنطقة».. و«مصر تملك فرصة ذهبية للوجود على خريطة صناعة السيارات، ستفقدها إلى الأبد إذا لم تستغلها هذا العام».. جملتان تتأرجحان بين الأمل الكبير والتخوّف من فقدانه، قالهما الدكتور هانى سرى الدين، المستشار القانونى السابق للهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، خلال حواره لـ«الوطن»، محذراً من غياب الخُطط الاستثمارية لمصر حتى الآن، مؤكداً أن كل ما يتم من حلول لإنقاذ الاقتصاد المصرى، «حلول مؤقتة لوقف النزيف»، وشدّد على ضرورة أن تُصارح الدولة الشعب بمبررات وأسباب القرارات التى تتخذها، حتى لا يتجه الشعب إلى معارضتها، منتقداً عدم عرض المعلومات الخاصة بالقضايا الحيوية على الجميع، سواء كانوا متخصصين أو غير ذلك.

{long_qoute_1}

 

■ ما المهام التى أسندت إليك تحديداً بشأن هيئة قناة السويس؟

- عملت مستشاراً قانونياً، وانتهت مهمتى بعد أن قدّمت المشروع، حيث كانت مرحلة إعداد المشروع، التى قمت بها، تتضمن وضع إطاره القانونى، ثم المخطط العام، ثم تحديد الصناعات، وهيكله، وخطة التنفيذ، والخطوات التنفيذية لإنشاء الهيئة والمنطقة، وهذا حدث، وأصبح هناك الآن، رئيس للهيئة، ومجلس إدارة مسئول عنها، وبالتالى انتهى دورى كاستشارى.

■ وهل تستعين بك الإدارة الحالية للمنطقة حالياً؟

- لا، لم يعد هناك أى نوع من التواصل.

■ وما الاستشارات القانونية التى قدمتها؟

- كان همّنا الرئيسى عدداً من النقاط من الناحية القانونية، أولاها تحديد الإطار التشريعى أو القانون الذى يُنظم عمل مشروع التنمية بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وهذا كان المحور الأول، وانتهينا إلى تبنى فكرة إنشاء المنطقة الاقتصادية، طبقاً لأحكام قانون المناطق الاقتصادية، ذات الطبيعة الخاصة، واقترحنا عدداً من التعديلات التشريعية على هذا القانون الذى صدر فى 2002، بحيث يواكب بعض التطورات، التى حدثت فى مجال الاستثمار على مستوى العالم، وتمت هذه الخطوة بالفعل وتم تعديل القانون بمقتضى مرسوم بقانون لقرار رئيس الجمهورية، رقم 27 لسنة 2015، ثم بعد ذلك، كان المحور الثانى المطلوب، وهو تحديد الإطار القانونى للمنطقة الاقتصادية الخاصة، وفعلاً تمت الخطوة، وتم إعداد مشروع إنشاء المنطقة الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة، التى تضم 3 محافظات: (السويس والإسماعيلية وبورسعيد)، ومساحتها 461 كم تقريباً، وصدر بالفعل قرار رئيس الجمهورية بإنشاء المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، بناءً على هذا المقترح، والخطوة الثالثة والمهمة للتفعيل، كانت إنشاء الهيئة التى ستتولى تنفيذ القانون وتنمية وتطوير وتسويق المشروعات الاستثمارية بالمنطقة، وبالفعل صدر قرار مجلس الوزراء بإنشاء الهيئة فى أغسطس 2015.

■ وكيف كان التكامل بينك وبين المستشار الفنى لمشروع «دار الهندسة»؟

- المستشار الفنى لمشروع «دار الهندسة» كان قد انتهى، بالتزامن مع عملى، من إعداد المخطط العام للمشروع، وتحديد الصناعات وتقسيمه، وتحديد الظهير الصناعى، والمناطق اللوجيستية، واحتياجات المشروع من البنية الأساسية، وكان أهم شىء فى هذا السياق، تحديد هذه الصناعات وتحديد أسس التمويل اللازمة للمشروع، بشكل يتوازى مع الإطار التشريعى، والخطوة الأخيرة التى تمت هى تعيين رئيس للهيئة، الدكتور أحمد درويش، ومجلس إدارة، الذين يتولون حالياً تفعيل هذه المنطقة، واستكمال مشروعات البنية الأساسية، وتسويق المشروعات الصناعية، والمشروعات اللوجيستية، وغيرها، واستكمال بعض المشروعات القائمة بالفعل، منها تطوير ميناء بورسعيد، وتوسيعه وتسويق المشروعات به، والأمر نفسه بالنسبة لميناء العين السخنة، وإنشاء الهيكل التنظيمى للهيئة، حتى تقوم بدورها، لأن هذه الهيئة تلعب 3 أدوار: المسئولية عن تنمية المنطقة، بكل ما تعنيه جوانب التنمية (تمويلها، وتخطيطها، وإنشاء البنية الأساسية بها)، من خلال مشاركة القطاع الخاص، وآليات التمويل الأخرى، ولديها أيضاً عبء تنظيمى ورقابى، لأنها تقوم مقام الدولة فى كل ما يتعلق بإنشاء وتنظيم وتأسيس والرقابة على المشروعات التى تنشأ بهذه المنطقة، بما فى ذلك أدوار وزارات البيئة والاستثمار والتجارة والصناعة، إلى آخره، ثم أخيراً عملية التسويق والترويج للاستثمار فى هذه المنطقة، هذا هو التحدى الحقيقى.

{long_qoute_2}

■ هل استشارتك القانونية كان لها علاقة بشكل الاستثمار فى المنطقة؟

- لدينا مرحلتان، مرحلة الإطار التشريعى والتنظيمى، وكان هذا دورى الرئيسى، ثم مرحلة الإطار التعاقدى، وكنا نحرص على الإطار التشريعى والتنظيمى، لأنه ضمان بأن كل صور التعاقد والتمويل المختلفة متاحة للتطبيق، فالهيكل التشريعى يسمح بكل صور التمويل، ويسمح بأن تقوم الهيئة بنفسها بالتمويل، كما يسمح بالتمويل العام وبكل صور المشاركة مع القطاع الخاص، كما حرصنا على أن تكون الأطر التشريعية تسمح بقابليتها للتمويل من حيث إمكانية رهن الأصول لصالح البنوك ومؤسسات التمويل، وإمكانية وجود ضمانات عينية وشخصية على هذه المشروعات، أقصد أن يكون إطاراً تشريعياً مرناً بالشكل الكافى.

■ وهل هى مرونة على المستوى الداخلى فقط أم مع المستثمر الأجنبى أيضاً؟

- فى جميع الأحوال لا تفرقة بين مستثمر محلى أو أجنبى فى ما يتعلق بأطر التعاقد والتمويل، فقد تجنّبنا مشكلات نواجهها فى الاستثمار المحلى، فالفكرة كانت وضع أطر تعاقدية جيدة، تشجع الاستثمار، وفى الوقت نفسه تحفظ حقوق الدولة فى عملية التنمية.

■ ماذا تعنى بـ«رهن الأصول»؟

- أتحدث هنا عن رهن الأصول الخاصة، المملوكة للمستثمر، وليس رهن الأصول المملوكة للدولة، لأن النظام القانونى لهذه المنطقة هو نظام حق الانتفاع، وبالتالى لا يجوز تملك الأرض، وإنما التعامل عليها يكون إما بنظام الإيجار أو بنظام حق الانتفاع، وهذا لا يمنع من أن المستثمر يستطيع، سواء كان محلياً أو أجنبياً، أن يرهن ما يقتنيه من مصانع أو آلات لصالح التمويل، لأن التمويل سيكون إما من خلال رأس المال أو من خلال أدوات الدين: قرض أو سندات، ومن خلال مساهمين، وعادة نسب التمويل تكون من 50 إلى 70% للدين، و30% لرأس المال، أو العكس حسب طبيعة التمويل، لكن فى جميع الأحوال، لكى تمول البنوك فإنها فى حاجة إلى ضمانات، ولا يُسمح للبنوك فى الحصول على ضماناتها إلا فى إطار حق الانتفاع، حق الدولة مكفول، لا توجد أى مشكلة فيه، لأن الأرض مملوكة للهيئة، وما نتحدث فيه هو رهن أصول خاصة بالمستثمر.

■ وما شكل الأصول؟

- مبانٍ، مصانع، أسهم، طبقاً للأعراف المصرفية المتبعة فى البنوك، حيث إنه لا بد من آليات تسمح بالتمويل.

■ هل هناك شروط خاصة بالمستثمرين الأجانب، أم أن الجميع سواسية؟

- الحساسية اللى كانت بتبقى موجودة فى سيناء هى فكرة ملكية الأرض، وهذا غير مطروح هنا، وبالتالى لا يوجد أى فرق بين مستثمر وآخر، ولا توجد قيود على تملك المستثمرين الأجانب للشركات، لأن الأصل فى مناطق مثل شرق بورسعيد صناعات جديدة، وثقيلة فى العين السخنة، إحنا محتاجين شركات عالمية تكون موجودة، وبالتالى ليس من المنطقى أن نضع قيوداً على ملكية هذه الشركات، لأن هذا يتعارض مع الفلسفة السياسية، وهو جذب استثمارات أجنبية وجذب شركات عالمية.

■ هل من الممكن مثلاً أن نجد شركات إسرائيلية وأمريكية؟

- إنشاء أى شركة أجنبية يستلزم الحصول على الموافقات الأمنية، وبالتالى هناك أيضاً ممثل لوزارة الدفاع موجود فى مجلس إدارة هذه الهيئة، وهناك أيضاً كل الموافقات الأمنية، المستلزمة فى قواعد الاستثمار المطبّقة فى الدولة، مطبّقة فى الهيئة، والاستثمار عموماً مسموح به للجميع، وأعتقد أنه لا يوجد اعتراض على وجود الاستثمارات الأجنبية فى مصر، أما ما يتعلق بأى اعتبارات أمنية، فهذا دور الجهات الأمنية فى أن تتحقق منه، والقانون لا يمنع من هذا، بل بالعكس.

{long_qoute_3}

■ هل هناك ما يكفل للدولة حقها فى الضرائب وغيرها من الحقوق من هذه الشركات؟

- طبقاً للقانون، النظام الضريبى المطبّق، هو ذاته، سعر الضريبة المطبق نفسه، لا يوجد أى استثناء فى هذا الصدد، ومشكلتنا فى الجمارك والضرائب ليس فى ما يتعلق بالأسعار، وإنما ما يتعلق بالإجراءات، إجراءات ربط الضريبة طويلة، تستغرق وقتاً طويلاً، فلسفة هذا القانون كانت قائمة على تبسيط الإجراءات، لأن مصر ترتيبها فى ما يتعلق بالنظم الضريبية 151 على مستوى العالم، أى من أسوأ الدول ترتيباً، لأنه حين تُؤجل الإجراءات لفترات طويلة، وعدم وجود قواعد واضحة، فهذا يؤثر على عمليات توزيع الأرباح والميزانيات والخطط الاستثمارية، فنحن فى حاجة إلى قدر من التيقُّن فى هذا، القانون الموجود يسمح بهذا ويشجعه، الحكاية نفسها بالنسبة للجمارك، طبعاً هناك ما يرتبط بالتصدير فى هذه المشروعات التى ستتم فى المنطقة الاقتصادية والجمارك بها، شأنها شأن المناطق الحرة، لا تخضع للجمارك، فنحن هنا فى حاجة إلى قواعد تضمن الرقابة على عدم الالتفاف على هذه الإجراءات، لذا يجب أن تتسم الإجراءات الجمركية بالتبسيط، وذلك بالتنسيق الكامل مع وزير المالية، وهناك لجنة يرأسها وزير المالية لوضع هذه الإجراءات المبسّطة، التى نتمنى أن تكون معياراً بعد ذلك لإدارة الجمارك وإدارة الرقابة على كل الصادرات والواردات للموانئ المصرية.

■ كيف تقرأ ما ينتويه الدكتور أحمد درويش، رئيس الهيئة، بزيارة عدد من الدول، للترويج لمشاريع قناة السويس؟

- أحد أدوار الهيئة الرئيسية هو عملية الترويج، فالمشروع يتعلق بتشجيع الاستثمار من أجل التشغيل لخلق فرص عمل لتعظيم الإيرادات والدخل للدولة المصرية، وبالتالى أزود معدل النمو الاقتصادى، أنا محتاج إلى مليون فرصة عمل سنوياً، وعندى أكثر من 60 مليون مصرى تحت سن الـ25 عاماً، ويدخل سوق العمل أكثر من 800 ألف كل سنة، والفترة الماضية شهدت تباطؤاً فى النمو الاقتصادى، ولم تكن السوق تأخذ أكثر من 200 ألف فرصة عمل، ولدينا فرصة ذهبية لأن يسهم مشروع قناة السويس بما لا يقل عن 35% من إجمالى النمو الاقتصادى فى السنوات الخمس المقبلة لمصر، فلدينا 6 موانئ بهذه المنطقة، شرق بورسعيد، والعين السخنة، والأدبية، والعريش، والطور، وغرب بورسعيد، ولدينا مناطق صناعية كبيرة جداً، وربط جغرافى وموقع متميز جداً، وبنية أساسية نسبية متوافرة، ممكن توصيلها، فلدينا كل المبررات لتصبح هذه المنطقة أهم مركز للتجارة العالمية، وكل هذا بالطبع يحتاج إلى الترويج، وهذا يقتضى تحديد هذه المشروعات، بما يخدم السياسة الصناعية لمصر بشكل عام، كما يحتاج إلى تحديد أولويات الصناعة التى نحتاجها، محتاج إلى تحديد المزايا النسبية والقيمة المضافة التى ستعود على مصر، وهذا ما نأمل فى تحقيقه من الهيئة الجديدة، بالاشتراك مع أجهزة الدولة والوزارات المعنية، ممثلة فى الوزراء بأشخاصهم، حسب التمثيل فى مجلس الإدارة.

{left_qoute_1}

■ هل لديك فكرة عن الانتهاء من تحديد الصناعات أو المشاريع الاستثمارية ذات الأولوية؟

- هناك دراسات أولية، أعدّتها «دار الهندسة» فى هذا السياق، تم تقديمها، وهذا جزء من مكونات الدراسة التى تمت، لكن هذه الدراسة الأولية تحتاج إلى تمحيص ودراسات تفصيلية، هناك صناعات، كصناعة السيارات لا تزال هى الواعدة، وإن كانت محتاجة إلى سياسات أكثر جودة مما هى عليه، من أجل قدرتنا التنافسية، يعنى المغرب، على سبيل المثال، نجحت فى جذب شركتى «رينو» و«بيجو» بسبب المزايا التى قدّمتها الحكومة المغربية لهذه المشروعات، فلا بد من أن تزيد قدراتنا التنافسية، وهذه آخر فرصة لمصر فى صناعة السيارات، وإذا لم نستغل المنطقة الاقتصادية خلال الأشهر القليلة المقبلة، فمصر لن تكون على خريطة صناعة السيارات.

■ ما الدول التى يجب الاطلاع على تجاربها فى صناعة السيارات لتحتذى بها مصر؟

- تايلاند مثال جيد، فقد كانت فى وقت من الأوقات لا تنتج سيارة واحدة، ووصلت إلى إنتاج مليون سيارة سنوياً، والمغرب منذ خمس سنوات لم تكن تنتج ولا سيارة، اليوم وصلت لأن تنتج من 250 ألفاً إلى 300 ألف سيارة، أما قدراتنا الإنتاجية على بعضها فى مصر، فلا تنتج أكثر من 150 ألف سيارة، وحجم السيارات عندنا 300 ألف سيارة تقريباً فى المجمل، نحو 150 ألف سيارة تقريباً من التصنيع المحلى، و150 ألفاً من الاستيراد، والدراسات قالت إن مصر ما زال لديها القدرة على صناعة السيارات، وهناك أفكار تتعلق بصناعة الأدوات الصناعية المرتبطة بالمنتجات، كالأوناش، الجرارات الزراعية، لأن هذه لا تحتاج إلى تكلفة كبيرة ولا تحتاج إلى تكنولوجيا هائلة، وفى الوقت نفسه هناك احتياج لها فى أفريقيا كثيراً.

■ وما الصناعات الواعدة غير صناعات السيارات؟

- من ضمن الصناعات المقترحة، صناعات التغليف، فالبضاعة تأتى وتكون فى حاجة إلى التغليف، علشان ترجع تتصدّر مرة أخرى، تطلع بالمنتج، ونحتاج إلى استغلال موقعنا الجغرافى فى هذه الصناعة، وهذا ممكن أن يكون جزءاً من الصناعات اللوجيستية، كذلك الصناعات البتروكيماوية والمواد البترولية التى تدخل اليوم فى كل الصناعات، ممكن نعمل قلعة للصناعات البلاستيكية، فاليوم نعبئ المياه، لكن ليس لدينا إمكانية لصناعة الزجاجات التى تُعبّأ فيها، لأنها كلها مواد بلاستيكية تقوم على الصناعات البتروكيماوية، فمن الممكن أن ننشئ 120 مصنعاً تنقلنا نقلة نوعية مختلفة، ومن الممكن أن تقوم قلعة صناعة على ذلك، وكل الدراسات الخاصة بذلك موجودة وتحتاج فقط إلى التنسيق مع وزارات التجارة والصناعة والاستثمار، وتفعيلها، ويجب البدء فى دراسات الجدوى الاقتصادية لهذه المشروعات سريعاً، لكى يكون لدينا خطة استثمارية، لأن مصر حتى هذه اللحظة تفتقر إلى وجود خطة استثمارية بالمعنى الحقيقى، فقط لدينا أفكار، لكن لا توجد خريطة بما تعنيه الكلمة من الناحية الفنية والعملية، حتى الهيئة نفسها، فقد مر عليها شهر فقط، وليس من المنطقى أن تكون قد وضعت خطة استثمارية، هناك دراسات أولية جاهزة للبناء عليها.

■ إذاً نحن وكأننا نبدأ من الصفر على المستوى التنفيذى؟

- لا، فهذه المنطقة لديها أسس واضحة، فالعين السخنة على سبيل المثال بنيتها الأساسية متوافرة بالكامل تقريباً، فالمنطقة مخططة للصناعات، ومهيّأة بالكامل للصناعات الثقيلة والبتروكيماويات، وهناك مشروعات جيدة بدأت، وبالتالى لدينا بداية لا بأس بها، نحتاج فقط إلى تطوير المناطق حول الموانئ، وربما هذا سيأخذ وقتاً أطول، مثل الظهير الصحراوى لميناء شرق بورسعيد، لأن الأرض رخوة ومحتاجة إلى شغل لضبط التربة الموجودة وإقامة مصانع، وأتصور أن أول مليون متر مربع هتكون جاهزة من حيث صلاحية التربة خلال 6 أشهر، هذا فى ضوء ما تم من مناقشات، وهذه خطوة جيدة لبدء مشروعات، لكن هناك تفاصيل كثيرة مهم أن نحددها، فمثلاً كيف سيتم تسعير هذه الأرض؟، هل من الأفضل أن يكون التسعير رمزياً؟، وهذا يسمح به القانون فى ضوء خلق ميزة نسبية فى تشجيع العمالة المصرية، وتوفير صناعات معينة كثيفة العمالة، كل هذه تفاصيل من المفترض أن تقوم بها الهيئة خلال الفترة القليلة المقبلة، ولا بد أن توفر مجموعة من التفاصيل، مثل المعاملة الضريبية، المزايا التى ستوفرها للشركات للعمل فى مصر، وسُبل تسهيل الاستيراد وإجراءاته، كما أن هناك مسائل مرتبطة بالسياسات الضريبية والجمركية والسياسات الصناعية، ثم تُحدد الدولة عايزة تعمل صناعات تكميلية إزاى، ومدخلات صناعة السيارات، وهنعمل قد إيه.. التفاصيل كثيرة، وتحتاج إلى أن نكون جاهزين لها.

■ وما توقعاتك لعدد المشاريع هذا العام؟

- لو جهّزنا المنطقة، لدينا مشروع واحد للبتروكيماويات، يتجاوز 6 مليارات دولار، وممكن نعمل بعض الصناعات الثقيلة باستثمارات مباشرة، وممكن المشروعات المرتبطة بالبنية الأساسية، وأتصور أنه يمكن لهذه المنطقة أن تكون قادرة، اعتباراً من العام المقبل على جذب ما يتراوح بين 7 و10 مليارات دولار سنوياً، إذا تم استغلالها بشكل جيد، وإذا تم الترويج لها.

■ فى ما يتعلق بسوق المال، كيف تقرأ الانخفاض الملحوظ والمتكرر بالبورصة، الذى وصل إلى 17.5%؟

- البورصة ليست منفصلة عن الوضع الاقتصادى والسياسى، فالبورصة المصرية لها مشكلاتها الخاصة، لكن فى الوقت نفسه تتأثر بالمشكلات العالمية، والبورصات فى العالم كله متأرجحة، فالصين كانت خسائرها فى النصف الثانى من 2015 عنيفة وغير مسبوقة، وعموماً انخفاض مؤشر التجارة العالمية ومعدلات نمو التجارة العالمية أثر سلبياً على الاستثمار فى البورصة، كذلك التوقعات السلبية للنمو الاقتصادى فى الخليج، الذى يُعد أكبر مستثمر فى البورصة، خصوصاً الإمارات، والصناديق السيادية للاستثمار الموجودة فى الكويت والسعودية والإمارات، أكبر مستثمر فى البورصات العالمية، ومنها البورصة المصرية، فلا شك أن الوضع الاقتصادى هناك، وانخفاض النمو الاقتصادى، والعجز فى الموازنات هناك، يؤثر على حجم استثمارات البورصة، لكن مصر ليست استثناءً فى ذلك، ومشكلاتنا المحلية كثيرة، منها مشكلة العملة، فأى مستثمر عنده صعوبة فى الخروج من السوق، أو عدم توافر العملة هيفكر ألف مرة قبل ما يرجع يدخل، لأنه هيدخّل دولارات مش هيعرف ياخد قرار بالانسحاب، مما سيؤثر على القرارات الاستثمارية لكثير من الصناديق التى تستثمر فى مصر، وحجم التداول عموماً، كما أن البورصة بطبيعتها بها سيولة غير كافية، وعدد الأوراق المقيّدة محدود نسبياً، وبالتالى التعامل يكون محدوداً على أوراق بعينها، وأعتقد أنه حينما قال وزير الاستثمار إن البورصة مراية مشروخة للسوق، كان يتحدّث بشكل إيجابى، لأنه كان يقصد أن أداء الاقتصاد والشركات المقيدة بالبورصة أحسن من الأداء المفترض أن يحدث..

■ وكيف تقيّم انخفاض أسعار البترول عالمياً؟

- له أسباب كثيرة، منها احتدام المنافسة فى عملية الإنتاج بين الدول المنتجة، فلم يعد هناك تنسيق على مستوى عالٍ، فأصبح هناك ضخ كبير وعرض كبير دون أى تنظيم، كذلك وجود السعودية وخوضها حروباً فى اليمن، مما جعلها تستمر فى عملية الضخ، أما الولايات المتحدة الأمريكية، فإنها تقوم بالتصدير لأول مرة هذا العام، لما حدث بها من طفرات تكنولوجية، جعلها العام الماضى تتوقف عن الاستيراد بشكل كبير جداً، ثم عادت هذا العام لتبدأ بالتصدير، وهذا أثّر على المعروض أيضاً، كذلك عودة إيران إلى الملعب، رغم أن إنتاجها لم يتوقف أبداً، لكن من خلال قنوات مختلفة، اليوم تدخل الأسواق العالمية، وقرّرت أن تزيد حجم استثماراتها، مما سيؤدى إلى ضخ مزيد من البترول، وبالتالى من المنتظر أن يحدث انخفاض جديد فى 2016، ستكون له انعكاسات سلبية وإيجابية على مصر، انعكاساته الإيجابية أنه قلل من نزيف العجز الموجود فى الموازنة نتيجة انخفاض الأسعار العالمية للبترول، فقد أصبحنا دولة كما يُقال «صافى مستورد»، فلا بد أن أستمر فى استغلال ذلك، وأزيد الاحتياطى، وأشترى بأسعار اليوم للسنوات الثلاث المقبلة، لكن هذا تواجهه مشكلات أخرى، هى عدم توافر احتياطى نقدى للقيام بذلك، لذلك من المفروض أن الدولة تشيل الدعم بالكامل عن المنتجات البترولية، وتوجهه إلى التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية، لكن بالتأكيد هناك أمور تُحد من قدرة الدولة على الاستفادة من الانخفاض الحادث فى أسعار البترول، وأتصور أننا فى حاجة إلى الاستثمار أكثر فى المنتجات البترولية، وفى الصناعات التى تقوم على هذه المنتجات.

{left_qoute_2}

■ 12.5% حجم الفوائد على الإيداع.. هل ترى سياسات البنك المركزى صحيحة فى هذا الأمر؟

- من السهل أن أقف من الخارج وأنتقد السياسات النقدية، لكن لا شك أن البنك المركزى، ومحافظه يتمتع بكفاءة كبيرة جداً، وأعتقد أنه يحاول أن يشجع المستثمرين، الذين اتجهوا للدولرة بأن يحولوا جزءاً من هذه الدولارات للجنيه المصرى، وهذا أحد الأهداف الأساسية التى لجأ لها، ولكن كل سياسة نتخذها فى هذه الفترة للأسف لها إيجابياتها وسلبياتها، كما أن حجم الدراسات الموجودة لا يساعد، ويمكن البنوك العامة ما زال عندها متوسط معدل إقراض جيد وتستطيع الحفاظ على سعر الإقراض لأن لديها ودائع كبيرة، فما زال متوسط المعدل الخاص بها كما هو، فتقرض ودائع بـ8 و10%، لكن هذا قد يشوه المنافسة مع البنوك التجارية الأخرى، التى ليس لديها نفس الصافى، ونفس العائد، لكن عندى أزمة بشكل أو بآخر، هذه الإجراءات، ومنها هذا الإجراء، لن يعالج المشكلة، لأن المشكلة مرتبطة أكثر بالاستثمار وخلق فرص عمل وتحسين الأداء الاقتصادى ووضع السياسات المالية والضريبية، والنمو الاقتصادى، عندما نجحنا فى 2004، و2005، وزاد البنك المركزى الاحتياطى النقدى، حينها لم يزد نتيجة السياسات النقدية، فالاحتياطى النقدى يزيد نتيجة الإيرادات والسوق وأن يكون البلد مفتوحاً اقتصادياً، وهناك تنمية اقتصادية، هنا يكون عندك عائد تستطيع به تحسين السياسات النقدية، لكن السياسة النقدية فى هذه المرحلة هى محاولة للحد من النزيف، لكنها ليست الحل.

■ معنى ذلك أن ما يقوم به «المركزى» من محاولات لإنقاذ الاقتصاد والحد من انخفاض العملة ليس صواباً؟

- لا, هى مجرد مسكنات، وأحياناً بتجيب نتائج إيجابية، لكنها تخلق دائماً قدراً مما يسمى عدم التيقن، قاعد مستنيك، شوية تخفض سعر العائد، وشوية تزوده، وشوية تعوّم الجنيه، وشوية تقول هافتح الاستيراد، وترجع تقفله، فجميع المستثمرين ينتظرون حتى تتضح الأمور، لأنهم لن يضعوا 100 مليون دولار ويحولوها للجنيه المصرى وبعدين يفاجأوا بخسارة 15 و20%، ما زال السوق والمستثمرون بيقرأوا بشكل مختلف، هذا كله يؤدى للأسف إلى تعطل عملية الاستثمار المباشر، وعملية النمو.

■ ننتقل إلى ملف التصالح.. إلى أين وصلت مصر فيه؟

- أعتقد أن الأمور هدأت كثيراً عما كانت عليه من 3 أو 4 سنوات، وتم تسوية كثير من المنازعات، التى كانت قائمة، ولم تعد هناك مناطق ملتهبة، أو معوقات للاستثمار، وأتمنى أن تكون الوتيرة أسرع فى عمليات التسوية، وفى قرارات اللجان الوزارية الخاصة بفض المنازعات، بأسرع مما هى عليه الآن، لكن عموماً هذه لم تعد مشكلة بنفس الحجم الذى كانت عليه، ما زالت هناك بعض القضايا المعلقة.

■ وما أسباب نقص المعلومات حول عمليات التصالح أو التسويات المالية التى تتم؟

- نقص المعلومات وإتاحتها لا يتعلق فقط بملف التسويات والمصالحات، فهناك عموماً صعوبة فى الحصول على المعلومات، وأتمنى أن يضع مجلس النواب قانون حرية تداول المعلومات، ويدخل حيز التطبيق لأنه سيسهل جداً أموراً كثيرة ويحسن من رسم السياسات، كما أنه سيحقق قدراً أكبر من التواصل مع الرأى العام والإعلام، فإذا كانت هناك معلومات صحيحة وكافية، وفى الوقت المناسب، سيزيل عدم التواصل القائم بين الحكومة وأجهزتها والإعلام والرأى العام بشكل علمى وحرفى، لأن الوضع الحالى يفتح مجالاً كبيراً للتكهنات ويفتح الباب لغياب الحقائق وانتشار الشائعات، وزيادة فجوة انعدام الثقة بين الحكومة والرأى العام.

■ فى نظرك، ما أهم القوانين الاقتصادية المفترض أن يصدرها البرلمان سريعاً؟

- نحتاج لإعادة نظر فى تشريعات الاستثمار، خاصة قانون الاستثمار لإزالة المعوقات الموجودة، وفيما يخص تخصيص الأراضى للاستثمار على وجه التحديد، وكذلك إعادة نظر بشكل جدى فى قانون التراخيص الصناعية، وقانون سلامة الغذاء وأيضاً مراجعة الإجراءات العقيمة للنظم الجمركية وقانون الشركات الموحد، حيث أعتقد أننا فى حاجة لعدد من التعديلات فى إتاحة فكرة المشروع الفردى، ذى المسئولية المحدودة، لتسهيل وتفعيل فكرة إنشاء الشركة بنظام التأسيس الفورى، حيث لا يزال قانون التجارة الصادر فى 1983 يحكم شركات التضامن والتوصية البسيطة فى مصر.

■ هل ترى فى الحكومات المتعاقبة منذ ثورة 25 يناير أى برنامج واضح؟

- المشكلة هى أن هناك أوضاعاً كثيرة جداً وصلت إلى مرحلة الخطر الجسيم، سواء مشكلات مرتبطة بالبنية التحتية، ومشكلات فى الصعيد، مشكلات سياسية، مشكلات مرتبطة بالنظام القضائى، ولا بد لأى حكومة من برنامج واضح الأهداف، سواء القيام بإجراءات تقشفية، أو تقليل الاستيراد، أو إجراءات الحد من أزمة الدولار وارتفاع سعره، أياً كان الإجراء الذى سأقوم به، فالشعب لن يؤيد هذا الإجراء إلا إذا شعر بأن هناك مشكلة حقيقية، فلو عرف الشعب قيمة الإجراء المتخذ وضرورته، ووثق فى أن إجراء الحكومة سيحل المشكلة، سيتقبله، لكن ما زلنا نعمل بالإجراءات الفوقية والفجائية والسرية وغير المفهومة، حتى للمتخصصين، ولو عقب أحد عليها يقال لك فوراً أنت مش فاهم حاجة ومعندكش كل المعلومات، طب فهمنى قول، إيه هى كل المعلومات اللى عندك، كيف ستؤثر هذه الإجراءات إيجابياً؟ هنا ممكن تتفاعل الناس مع المشكلة لوجود تواصل حقيقى، النهارده مفيش حد بيتكلم عن وجود مشاكل خطيرة غير الرئيس، لكن حتى هذه المعلومة، ما حجم هذه المشاكل، وكيف تؤثر؟ وكيف يمكن أن نواجهها؟ لا أحد يعرف.

■ إذن أنت تتهم الحكومة أو أجهزة الدولة عموماً بغياب المصارحة مع الشعب؟

- المصارحة غائبة بلا شك، والخطط لمواجهة المشكلات مجهولة إجرائياً وزمنياً، فالشعب من حقه أن يعرف الإجراءات الاستثنائية وجدولها الزمنى لكى يتحملها ويساعد القائمين على إدارة الدولة فى تنفيذها بدلاً من الاعتراض عليها وتعطيل الأمور، وانعدام الثقة والمناقشات الخاطئة، والمعالجات الإعلامية التى فى غير محلها، وهذا كله بسبب أن محدش عارف حاجة، فبالتالى مرحلة ونطاق الفتى بيزيد جداً، من كل من هو متخصص وغير متخصص، وهذا يؤثر سلبياً على المناخ العام، لذا أنصح الحكومة مع إعلان برنامجها، بالمصارحة وإعلان إجراءات معالجة المشاكل، وأولويات المعالجة والوقت المتوقع للإجراءات الصعبة والتقشفية، فعندما أحرم الناس من بعض الأشياء، لازم أقول ليه.

{left_qoute_3}

■ وهل أنت راض عن أداء الحكومة الحالية؟

- على مدار الـ5 سنوات الماضية، اعتباراً من يناير 2011، حتى الآن تقريباً كان لدينا 12 حكومة، بمعدل حكومة كل 6 أشهر، ورئيس وزراء كل 9 أشهر، هذا لا يمكن بأى حال من الأحوال أن يحقق استقراراً اقتصادياً أو سياسياً، أو يحقق أى نجاحات، طبعاً سقف التوقعات زاد جداً، وسقف الصبر نزل جداً، إحنا مشكلتنا ليست فى تغيير الأشخاص بقدر ما هى مشكلتنا السياسات، وتغيير أداء الجهاز التنفيذى، الذى تحدثت عنه، وده هياخد وقت، بس إحنا محتاجين نشوف دلالات للتحسن، ده اللى بيخلى الناس مش صابرة، ويحصل ضغط على رئيس الجمهورية إنه لازم يغير الوزراء، لكن أنا مهما غيرت وباشتغل بنفس الطريقة مش هاوصل لنتائج مختلفة، وفى نفس الوقت، الجهاز التنفيذى لرئيس الهيئة أو رئيس الجهاز، أو وكيل الوزارة اللى بيشوف الوزير بيتغير كل 4 أشهر، أكيد لن يأخذ أمور العمل مأخذ الجدية، محتاجين مزيداً من الصبر، ومزيداً من الاستقرار للحكومات، وهنا يمكننى القول إن 3 أشهر قليلة على الوصول لأحكام نهائية، وليس من المنطقى أن يتم الآن تغيير رئيس الحكومة، ليستمر هذا المسلسل، لكن أكيد سنحتاج تغييراً لبعض الوزارات، نتيجة أن بعضهم يريد أن يرحل خلاص، زهق، بعضهم مناخ العمل المحيط به جعله لا يستطيع أن يؤدى ويحقق الأهداف التى يريدها، بعضهم ليس متسقاً مع مجموعة العمل الموجودة، فطبيعى المرحلة المقبلة قد تحتاج تعديلات، والحكومة محتاجة نسبياً التركيز أكثر فى مجموعات العمل الاقتصادية، لتكون هناك أهداف للوزارات أكثر وضوحاً مما هى عليه، يجب أيضاً تقليل عدد الوزارات فى المرحلة الحالية، حتى نرفع من الكفاءات ونحسن من مستوى التنسيق بينها، وأحدد الأولويات، هناك إجراءات إعادة هيكلة موجودة بالعمل الحكومى والتنفيذى حالياً، وهذا أهم فى رأيى من مجرد تغيير الحكومة كل شوية، لكن المهم أن يقتنع رئيس الوزراء نفسه بأهمية هذه المسألة وأن نظام العمل الحكومى، يوم بيوم، لن يحل المشاكل، إطفاء الحرائق مطلوب، لأنه عندنا حفر ومشاكل يومية كثيرة جداً، لكن يجب ألا تلهينا، الناس عايزة نجاحات سريعة برضه، ولذا يجب أن نبحث عن الأولويات والنجاحات السريعة التى نحتاجها، بأقل تكلفة ممكنة.

■ هل هناك قصور فى اختيار الوزراء؟

- المشكلة فى رأيى فى اختيار رئيس الوزراء، والوزراء، والمحافظين، حيث إن ما يحدث دائماً هو عدم وجود تحضير كاف للاختيار، فالمفروض هذه العملية تحتاج لتحضير لسنوات، لكن أعتقد أن قرارات اختيار رؤساء الوزراء والوزراء فى أغلب الأحيان تكون فجائية، كل مرة نقول طيب مين ينفع وزير الوزارة دى، فبتيجى إما اختيارات بالصدفة أو اختيارات لحظية، أو اختيارات بحسب أنا أعرف مين فى دائرة الاختيار، لا تكون هناك دراسات ومتابعات، ولو أنا بقول فلان يصلح أن يكون خامة جيدة بعد خمس سنوات، فيتم البدء فى التركيز معه وإعداده، هذا ما نفتقده فى عملية التخطيط، لكن ما يحدث فى مصر أننا ماشيين كل مرة بأن هناك أزمة فلا بد أن أغير وخلاص، وبعدين أبقى أبتدى أفكر، طيب هاغير مين وليه ومين البديل وعشان إيه؟ لذلك نجد أن التغيير دائماً إنى باجيب وزير سابق أو رئيس وزراء سابق، كمان أحياناً رئيس جمهورية، ورئيس الوزراء، لا يأتى بأحد لا يعرفه، وليس لديه ثقة فى الترشيحات التى تأتى له، وليس لديه وقت ورفاهية، أن يقدم شخصاً ويخطئ، أو أن يصبر عليه عاماً أو اثنين، رئيس وزراء سنغافورة قال: الوزير الجيد لا يصبح جيداً إلا بعد 3 سنوات من كونه وزيراً، على ما بيفهم وياخد، بس لا بد بالطبع أن يكون لديه جودة معينة، ولديه سمات تظهر فى هذا الاتجاه، فبالطبع لدينا مشكلة فى اكتشاف الكفاءات وبالتالى اختيارها، فالكفاءات لم تختبر فى العمل الحكومى التنفيذى قبل ذلك، ويكون هناك عدم ميل لها لدى من يختار، إضافة إلى أن كثيراً من الكفاءات ترفض العمل الحكومى فى ظل المناخ السائد، والمشكلة ليست كما قلت فى اختيار الوزراء بقدر ما هى فى منهج العمل، والجهاز التنفيذى الموجود معه، والسياسات والاستراتيجيات الموجودة، لو اهتمينا بهذا أكثر أعتقد أن النتائج ستكون أفضل، لأن هناك كثيراً من الوزراء الذين لم ينجحوا فى رأيى أنهم ظُلموا لأن المناخ المحيط بهم لم يجعلهم قادرين على الأداء والتغيير، فأصابهم قدر كبير من الإحباط نتيجة عدم القدرة على التغيير، رغم فهمهم الكامل لحجم المشكلات وما يجب أن يتخذوه، لكنهم لم يستطيعوا أن ينفذوا، لأنها إجراءات ليست فى أيديهم مباشرة، وإنما ترتبط بجهات أخرى كثيرة معهم.

■ هل لديك مثال على ذلك؟

-فى رأيى أن وزير الاستثمار ظُلم ظلماً كبيراً، تم تحميله كل مشاكل الاستثمار فى مصر، رغم أن وزارة الاستثمار بلا حقيبة، 80% من مشاكل الاستثمار خارج صلاحيات وزير الاستثمار، سواء الوزير الحالى أو السابق، النهارده عندما أتحدث عن تراخيص الأراضى فهى ليست فى صلاحياته، تراخيص الصناعة مش عنده، أزمة الغاز أو البترول فى المصانع وتوقفها مش بتاعته، خاصة بوزارة البترول، أزمات ارتفاعات المبانى أو التراخيص الموجودة فى بعض المناطق مثل سيناء ليست خاصة به ولكن بيد القوات المسلحة، الأسعار المبالغ فيها مش عنده، مثلاً لسه سامعين إن هناك 300 قطعة أرض تم طرحها لم يتقدم لها فرد واحد، نتيجة سوء عملية التسعير، وده عند وزارة الإسكان، مش وزير الاستثمار، هذه كلها مشاكل حملّناها لوزير الاستثمار، وفى رأيى أن عمل الأجهزة يجب أن يعطى الوزير فرصة التصرف بشكل تحررى شوية، لكى يحاول أن يسعى بنفسه، لكن المنطق الرقابى سيرفض هذا التدخل، وقد يثير هذا تساؤلات حول نواياه وعلاقاته ببعض المستثمرين ويجعله يحجم عن التدخل بنفسه، فمثلاً مشكلة الجمارك وتأخرها والضرائب والفحص الضريبى عند وزارة المالية أيضاً، تأخر مستلزمات الإنتاج، دى مشكلة المجموعة الاقتصادية بالكامل، لذا لو سنظل محتفظين بوزارة الاستثمار، فوزيرها يكون مسئولاً عن التنمية الاقتصادية والاستثمار بدرجة نائب رئيس وزراء، وهذه إحدى الأفكار، أن يكون رئيس المجموعة الاقتصادية، ويبقى الكل بيشتغل كمجموعة واحدة، ولما آجى أتكلم عن الاستثمار أضع الاستثمار المباشر ومعدلات نموه، وإذا لم تتحقق معدلات الاستثمار تبقى مشكلة وزير المالية مع وزير التجارة والصناعة ووزير الاستثمار.

■ وكيف تقرأ زيادة الضرائب بنسبة 30% التى أقرها الرئيس؟

- برضه، هى محاولات أخرى لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فالتعامل هنا معها بشكل مؤقت، لأن الهدف منها الحد من استيراد بعض هذه السلع، لأنها تمثل إرهاقاً ونزيفاً للعملة الأجنبية، وفى حقيقة الأمر عندما أفتح استيرادات للسلع فأنا أدعم سلعاً غير ضرورية، حقيقة بشكل غير مباشر، عندما أعطيها له بـ7 جنيهات و80 قرشاً، والقيمة الحقيقية للجنيه 8 ونصف أو تسعة جنيهات فى السوق السوداء، إذا افترضنا أن هذه هى القيمة السوقية المتداولة، يبقى أنا كده بادعم السلع الترفيهية بجنيه ونصف، على حساب السلع الضرورية والأساسية، لذا يجب أن أفكر خارج الصندوق، هل ممكن أعمل سعرين فى الاستيراد، هذه فكرة أرجو أن تتم دراستها بجدية.

■ معنى ذلك أنه قرار صائب؟

- الرئيس يحاول أن يعالج لكنه يؤثر على حاجات تانية، لأن فيه استيرادات وحاجات بعضها ليس متوفراً فى مصر، بعضها هيأثر على فرص عمل موجودة بالفعل، وبعض هذه السلع عاملة حجم تداول، وقد تؤدى للانكماش، هى مشكلة صعبة، مفيش قرار صح بنسبة مائة فى المائة فى هذه المرحلة، وقرار غلط بنسبة مائة فى المائة، لذا كان لا بد من المصارحة ومعرفة أسباب هذا القرار، حتى نلتمس الأعذار لإقراره، وكان من الممكن على سبيل المثال أن يعلن تطبيق هذا القرار لمدة 6 أشهر على بعض السلع، ومن ثم يعلن أنه قد يعاد النظر فى أسعار بعض السلع، وفى القرار وفقاً لتأثيره وتحقيقه المطلوب من عدمه بعد 6 أشهر، وتحديد السلع وإمكانية أن أخضع سلعاً أخرى لنفس قرارها، أو أن أحذف سلعاً من الخضوع للقرار، وإعلان أن ما سيتوفر من أموال نتيجة هذ القرار فى المقابل ستعود نتائجه الإيجابية على كل السلع الأساسية وكل مستلزمات الصناعة فى المرحلة المقبلة، فما سيؤخذ من هنا، سيتم وضعه هناك، دى كلها مسائل لا بد أن تدرس، لكن لو باخد القرار لوحده، وبانام عليه، لن يؤدى إلى نتيجة بشكل قاطع.

■ هل يسير النظام القضائى دون أى تطوير بعد ثورة 25 يناير؟

- هناك أزمة فى عدد المحاكم، أزمة فى عدد القضاة، عملية التدريب فى رأيى لا تتم بالشكل الكافى، التعليم المستمر ليس موجوداً، أنا باضرب مثالاً على بعض القطاعات، الحل فيها سهل، لو ركزت سنة أو سنتين، ستأتى نتائجها، الحالة النفسية العامة الموجودة محتاجة تغيير بحاجات كتير لكنها بالطبع أولويات.

■ سمعنا أنه تم ترشيحك مسبقاً لرئاسة الحكومة.. هل هذا صحيح؟

- لم يتم ترشيحى لهذا المنصب فى عهد الرئيس السيسى، لكنه حدث من قبل، وهو شرف كبير بالطبع لكنه مسئولية صعبة، لكنى أفضل الابتعاد عن المناصب العامة.

لم نحارب الفساد المالى حتى الآن

هناك فساد مالى لم ندخل فى محاربته حتى الآن، وجزء من هذه الحرب تقليل الإجراءات البيروقراطية، وبالمقابل استبدالها بالإجراءات الإلكترونية، دون وساطات، والفساد مش بس تطبيق قانون، أو إحالة ناس لمحكمة الجنايات بقدر ما هو رفع كفاءة الأجهزة، وتطبيق الحد الأدنى للأجور، ده وسيلة لمحاربة الفساد، خلق فرص عمل جديدة للناس، ده بيقلل من فرص الفساد، قد يكون كلاماً سهلاً لكن جربناها فى بعض القطاعات، مثل قطاع الاتصالات ونجح، قطاع البنوك نجح، سوق المال نجح، قد يكون الأمر أصعب فى المحليات، لكن أنا فى رأيى قد ينجح.

«تنمية القناة»

أصدر الرئيس السيسى قراراً جمهورياً بإنشاء المنطقة الاقتصادية لقناة السويس فى أغسطس 2015.

تضمن القرار إنشاء المنطقة على مساحة 460 كيلومتراً، حول القناة، ستستخدم لإقامة مركز عالمى للصناعات وخدمات الإمداد والتموين لجذب الاستثمارات الأجنبية.

يأتى إنشاء المنطقة الاقتصادية كمرحلة تالية بعد افتتاح قناة السويس الجديدة.

الحيز المكانى لمحور تنمية القناة، المعروف بالمنطقة الاقتصادية للقناة، يقع فى نطاق 3 محافظات، السويس، والإسماعيلية، وبورسعيد، حيث تتضمن ميناء غرب بورسعيد، وميناء شرق بورسعيد والمنطقة الصناعية شرق بورسعيد والمنطقة الصناعية بالقنطرة غرب، ووادى التكنولوجيا، وميناء الأدبية، والعين السخنة «أ» و«ب»، وميناء العين السخنة، وميناء العريش، وميناء الطور.

أصدر الرئيس قراراً جمهورياً بتعيين الدكتور أحمد درويش، وزير التنمية الإدارية سابقاً، رئيساً للهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس لمدة ثلاث سنوات فى نوفمبر 2015.

افتتحت قناة السويس الجديدة رسمياً 6 أغسطس 2015.

يهدف مشروع قناة السويس الجديدة إلى مرور السفن فى اتجاهين دون توقف، وذلك لتقليل زمن العبور، بما يساهم فى زيادة الإقبال على استخدام القناة.

 إصلاح النظام القضائى

من الأشياء التى يجد الناس حرجاً عند الحديث فيها، وليست مرتبطة بالفساد وإنما مرتبطة بفكرة إنفاذ القانون والعدالة الناجزة، مسألة إصلاح النظام القضائى، فهى إصلاح لأى نظام سياسى، وهذا مرتبط بسرعة الفصل فى القضايا، القضايا اليوم بتاخد بالخمس والست سنوات، لا بد من رفع الكفاءة الفنية لكل الأجهزة القضائية ومعاونى القضاء، فى رأيى نحن إلى الآن لم ننجز فى هذا الأمر أى شىء، فعدم الإحساس بالعدالة وعدم إنفاذ القانون وعدم العدالة فى تطبيق القوانين المختلفة تُشعر المواطن أنه لو راح المحكمة مش هياخد حقه، وهناك أزمة فى عدد المحاكم، أزمة فى عدد القضاة، وعملية التدريب لا تتم بالشكل الكافى.

 تعارض المصالح

عندى مسئوليات فى عملى المهنى، ولا شك أن ترشحى لأى مناصب عامة قد يخلق نوعاً من تعارض المصالح وقد يؤثر على مصالح الناس الذين أمثلهم، ما يجعلنى دائماً فى موقف المدافع، دائماً ما أظهر الجانب المهنى فى أحكامى وبالتالى الاستقلالية فى العمل مهمة فى مثل هذه الظروف لتكون هناك قدرة على إبداء الرأى والموضوعية والحيادية بقدر الإمكان دون أن أكون طرفاً فى نزاعات وخصومات، لذا فضلت ذلك فى هذه المرحلة، وأعتقد أن العمل البرلمانى فى هذه المرحلة محتاج تفرغ كبير جداً وليس لدىَّ رفاهيته، لكن ما زلت على تواصل مع كثير من البرلمانيين، وفى سبيلنا مع مجموعة من المفكرين والسياسيين لإنشاء مركز لتدريب البرلمانيين والشباب للدخول فى الانتخابات البرلمانية، وفى خلق حلقات نقاشية، ومركز للآراء ورسم السياسات.

 

 

 

 

 

 

 


مواضيع متعلقة